حرب إسرائيل وإيران الثانية حرب وظائف وليست حدود، ( من يفقد دوره لا يسقط، بل يكفي أن يُترك واقفاً بلا معنى )

بقلم : اللواء الملاح الركن المتقاعد فيصل حمادي غضبان
٢٣ كانون الاول ٢٠٢٥

حرب إسرائيل وإيران الثانية حرب وظائف وليست حدود،( من يفقد دوره لا يسقط، بل يكفي أن يُترك واقفاً بلا معنى )

١. يولد الفكر العسكري عند تقاطع الإستراتيجية والسياسة وقدرة السلاح، لكن داخل هذا التقاطع تتوزع ثلاث وظائف حاسمة للقوة هي ( الردع، والإرغام، والإذعان ) وكل واحدة منها تشغل موقعاً مختلفاً في معادلة الصراع بين إيران وإسرائيل.بذات مفاهيم مختلفة هي :

أ. الردع (Deterrence) : مهمته قبل اندلاع الحرب لمنع الخصم من اتخاذ قرار الهجوم عبر خلق قناعة لديه بأن الكلفة أعلى من التأثير .قراره بين السياسة وقدرة السلاح الذي يؤمن الإمكانية. اما السياسة توظّفه كرسالة تهديد محسوبة بينما الإستراتيجية تضع سقف الاستخدام. ومن أفضل استخداماته لا يحتاج إلى القوة، بل التلويح بها مصداقية استخدامها.وخلافه يتحول الى هذيان لا قيمة له ( الجود من الموجود ).

ب. الإرغام (Coercion) يمارس أثناء الاشتباك المحدود
لإجبار الخصم على تغيير سلوك معيّن دون إسقاطه أو إخضاعه الكامل.مكانه في قلب التفاعل بين الإستراتيجية والسلاح.مثلا ضربات محسوبة. أو ضغط متدرّج. وقد يكون بشكل رسائل نارية مدروسة. أخطر ما في الإرغام انه يحتاج إلى استخدام محدود للقوة مع إدارة زمن الصراع.

ج . الإذعان (Compellence / Submission) يعتبر نهاية الصراع وهو كسر إرادة الخصم وإجباره على قبول شروط المنتصر.يأتي بعد فشل الردع والإرغام، وعند اكتمال تفوّق الإرادة والقدرة معاً. الإذعان لا يتحقق بالقصف وحده، بل بانهيار القرار السياسي للخصم.

٢. السؤال الاهم :هل صواريخ إيران قادرة على ردع إسرائيل الجواب نعم، لكنها غير قادرة على تحقيق الإذعان.لأن الصواريخ الإيرانية تخترق العمق الإسرائيلي.وتُربك منظومات الدفاع الجوي وتُشبعها بالعدد وحجم الموجات وتعتبر اكبر تهديد اتجاه الاقتصاد، المطارات، القواعد، والمراكز السيادية.

٣. إسرائيل دولة عقيدتها وجودية.الردع الصاروخي وحده لا يمنعها إذا شعرت بتهديد وجودي مباشر. وعليه ان الصواريخ الإيرانية تؤسس ردع متبادل هش لا لنصر حاسم.

٤. ما هو العامل الحاسم بين القوتين : يجيب ذوي الاختصاص ان العامل الحاسم ليس السلاح… بل الإرادة الإستراتيجية السياسية وفق المعطيات ادناه :
أ. إسرائيل تمتلك : سرعة القرار.و غطاءً غربي.
وقدرة وقابلية عالية للمخاطرة في الضربة الأولى.
ب. إيران تمتلك:صبراً إستراتيجياً.وعمقاً جغرافياً وبشرياً. مع قدرة عاليه على امتصاص الضربات.
ج .سيكون الحسم هنا ليس لمن يضرب أكثر، بل لمن يصمد أطول دون انهيار قراره السياسي.

٥. العامل الحاسم (وهو الأخطر) : الزمن وإدارة التصعيد بعوامله المبينه ادناه :
أ. إسرائيل لا تحتمل حرباً طويلة مع اقتصاد محدود.وجبهة داخلية حساسة. وتخضع وتتإثربضغط اجتماعي سريع.
ب. إيران تجيد حرب الاستنزاف لامتلاكها مساحات واسعة. مع تعدد الجبهات حتى وان ضعفت حالياً.ومرونة عاليه في امتصاص الخسائر.
ج . الزمن يعمل لصالح من يستطيع تحويل القوة إلى نزيف بطيء لا صدمة خاطفة.

٦. لو تحدثنا بصيغة الفكر العسكري نستنتج ان :
أ. الردع مكانه قبل النار، والإرغام داخل النار، والإذعان بعد انكسار الإرادة.
ب. صواريخ إيران تردع إسرائيل لكنها لا تُخضعها.
ج . العامل الحاسم في المواجهه : لمن يملك قرار الاستمرار دون انهيار سياسي داخلي.
د.العامل المساعد: إدارة الزمن والتصعيد، لا حجم الضربة الأولى.
ه. الاخطر من ما جاء اعلاه : هو حين تفشل الصواريخ في كسر الإرادة… يبدأ الامتحان الحقيقي للقوة.

٧. ما هو مصير الغيمة الصاروخية الايرانية التي تهدد ان تمطر حديد وبارود ربما لا تؤخذ الاجراء العسكري بل هي :
أ.الغيمة هنا ليست طبيعية، بل غيمة قرار.لا تمطر ماءً، بل رسائل نارية.
ب. المطر لا يهدف للإبادة، بل لإشعار الأرض أن السماء لم تعد آمنة.

ج. الضربة لم تكن لإسقاط الدولة، بل لتغيير شعورها بالأمان.وهذا هو تعريف الردع الحديث.

٨. الخلاصة : ما يجري ليس حرباً لتدمير العدو،بل حربٌ لمنع العدو من الاطمئنان.والردع هنا لا يُدار بالصواريخ وحدها،بل بإدارة الخوف… ومنع انكساره.
وان غيمة الصواريخ المتوقعة قد تمطر رسائل نار وسماء أُشبعت بالإنذار قبل أن تُصاب بالأذى مطر صواريخ لا ليقتل… بل ليُقنع ضربة لم تُنزل الخراب، بل أنزلت الشك في جدوى الحماية..وهو المتوقع ربما زوبعة في فنجان .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1114 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع