بين "ثقل" السوداني و"نفوذ" المالكي .. رئاسة الحكومة العراقية تعود لنقطة البداية

إرم نيوز:كشفت مصادر سياسية عراقية خاصة أن الصراع داخل الإطار التنسيقي على منصب رئيس الحكومة المقبلة عادت إلى نقطة البداية، وانحسر التنافس عمليا بين الاسمين الأكثر قوةً؛ محمد شياع السوداني ونوري المالكي، بعد أن كانت المنافسة أوسع نطاقا في أعقاب انتخابات 11 نوفمبر/تشرين الثاني، وباتت كل المعطيات تشير إلى أن التسوية النهائية ستحسم لصالح أحدهما.

وتؤكد المصادر أن السوداني، رئيس حكومة تصريف الأعمال وقائد ائتلاف "الإعمار والتنمية" الذي تصدر نتائج الانتخابات بحصوله على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية (46 مقعدا)، لا يزال الأوفر حظا، نظرا لثقله داخل الإطار التنسيقي والتحالف البرلماني الأوسع، رغم أن حصوله على أكبر كتلة لا يضمن تلقائيا كرسي رئاسة الحكومة في العراق، حيث تشكّل التسويات ونسب القوى داخل الإطار والقوى الشيعية المشتركة العامل الأبرز في التسمية النهائية.  

تحوّل الحسابات بعد الانتخابات

في الأيام التي تلت الانتخابات، بدا أن المنافسة على منصب رئيس الوزراء كانت بين عدة أسماء بارزة داخل مكونات الإطار التنسيقي، غير أن التركيز حاليا انحصر بين السوداني والمالكي، بحسب مصادر داخل الإطار تحدثت لـ"إرم نيوز". وتشير هذه المصادر إلى أن الكتل الشيعية المكوّنة للإطار التنسيقي لا تزال تتفاوض لإخراج مرشح موحد قبل أن تنتقل المشاورات إلى الكتل السنية والكردية والكتل المستقلة للتفاوض على التحالف الحكومي، وهو ما يؤخر الحسم النهائي. 

مصدر سياسي مطلع قال لـ"إرم نيوز" إن التمسك بالسوداني لدى كتلة "الإعمار والتنمية" يأتي من إدراكهم أنه يتمتع بوزن انتخابي أقوى داخل المكون الشيعي، وفي الوقت نفسه أكثر قدرة على تمرير اتفاقات وسياسات داخل البرلمان ومع القوى السنية والكردية، ما يمنحه تفوقا أوليا في سباق التسمية. 

موقع المالكي وحظوظه

على الجانب الآخر، لا يزال نوري المالكي، زعيم ائتلاف "دولة القانون" ورئيس الوزراء الأسبق، منافسا جديا في معركة التسمية. غير أن مصادر سياسية عراقية أفادت لـ"إرم نيوز" بأن حظوظ المالكي تبدو أقل من السوداني في هذه المرحلة، لأن كتلة "دولة القانون" تمتلك عدداً صغيراً نسبياً من المقاعد (29 مقعداً)، ما يقلّص قدرتها التفاوضية داخل الإطار مقارنة بحلفاء السوداني. 

المصادر نفسها تؤكد أن المالكي الذي يتمتع بنفوذ كبير، يعتمد الآن على بناء تحالفات داخل الإطار وخارجه، خصوصا مع كتل مثل "صادقون" وكتل أخرى شيعية مستقلة، لتعزيز موقفه التفاوضي، لكن هذا التوجه لا يزال غير كافٍ لحسم المعركة لصالحه ما لم يحدث تقارب مع أطراف سنّية أو كردية تدعمه بشكل ملموس، كما أوضحت المصادر.  

توتر داخل الإطار… ولا حلّ سريع

تواجه مفاوضات الإطار التنسيقي صعوبات في حسم مرشح واحد، على الرغم من الدعوات المتكررة لعقد جلسات حاسمة لانتخاب قيادة البرلمان والدفع في مسار تشكيل الحكومة، في ظل إصرار بعض القوى على ضمان حصص وزارية ومناصب قيادية في مؤسسات الدولة. 

مصدر قيادي في الإطار، طلب عدم ذكر اسمه، قال لـ"إرم نيوز": "لقد شهدنا تراجعا في الاستعداد لتقديم تنازلات، وتراجعا في الثقة بين المكوّنات الشيعية نفسها. هناك من يرى أن على السوداني التحالف مع قوى سنّية وكردية لتأمين التسمية، وهناك من يفضّل المالكي لأنه يُعتبَر شخصية تعرف قواعد اللعبة السياسية وقادرة على تسوية الصراعات داخل البرلمان". وأضاف المصدر: "لكن حتى الآن لا توافق تاما على أحد". 

هل العراق أمام تسوية "شخصية ثالثة"؟

ترى مصادر عراقية أن احتمال ظهور مرشح تسوية ثالث لا يزال قائما، خاصةً إذا فشل السوداني والمالكي في توحيد كتلتهما داخل الإطار، لكن هذا الاحتمال لا يزال حتى هذه اللحظة أقل ترجيحا، مع استمرار قوة هياكل التحالف الشيعي حول هذين المرشحين الرئيسيين. 

من جهته، قال مصدر نيابي لـ"إرم نيوز": "هناك أصوات داخل الإطار تقترح أسماء خارج القائمة التقليدية لأن السودان والمالكي لا يضمنان وحدة الفصائل، لكن هذه الأصوات تميل إلى أن تُستخدم كورقة في التفاوض وليس كمرشح حقيقي حالي". 

من هو "الأوفر حظاً"؟

بناءً على المصادر العراقية الخاصة والمعطيات المتقاطعة من أوساط البرلمان والمفاوضات داخل الإطار التنسيقي، يبقى محمد شياع السوداني الأوفر حظا في المرحلة الحالية بفضل دعمه من كتلة كبيرة نسبيا داخل الإطار، إضافة إلى قدرته على جذب قوى سنّية وكردية لاحقا لتشكيل أغلبية برلمانية.

فيما لا يزال نوري المالكي منافساً قوياً، لكن تراجع حجم كتلته النيابية مقارنة بحلفاء السوداني يضعه في موقع التحدي أكثر من الموقع المتقدم. كما أن احتمال ظهور مرشح تسوية ثالث يبقى واردا لكنه مرهون بتعمّق الانقسامات داخل الإطار وامتناع الكتل الرئيسية عن التوافق على أحد المرشحين الرئيسيين. 


وصادقت المحكمة الاتحادية العليا على النتائج النهائية للانتخابات، ما أطلق المهلة الدستورية لتشكيل المؤسسات الجديدة، بينما تظل الخيارات مفتوحة أمام الكتل للسعي نحو بناء تحالف حكومي يشكّل غالبية برلمانية قوية. 

وتشير قواعد السياسة العراقية إلى أن اختيار رئيس الوزراء يتطلب توافقا واسعا داخل الإطار التنسيقي أولا، ثم تحالفات مع أقليات سنّية وكردية لضمان الثقة البرلمانية وتكوين حكومة قادرة على العمل. وهذا يعني أن أكبر كتلة انتخابية وحدها لا تكفي لضمان الفوز، بل القدرة على بناء أغلبية داخل البرلمان هي الحاسمة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1477 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع